تقديم عام
إن الحق في حرية التعبير هو أساس جميع الحقوق المدنية والسياسية ويمثل نقطة ارتكاز غيره من الحقوق والحريات وهو مؤشر تقاس به درجة الديمقراطية في الدول. ّ ثبت سعي الأنظمة الديكتاتورية إلى تطويق الحق في حرية التعبير وجعله مجرد أداة تسيطر بها على الرأي العام الوطني وتضفي بواسطتها ضبابية على الرأي العام الدولي في خصوص سياساتها القمعية.
لذلك ارتبط الحق في حرية التعبير بالثورات الشعبية سواء تعلق الأمر بمطالبها الأساسية او بضوابطها اللاحقة.
فمن أوائل المواثيق الجماعية التي حررت لتضبط علاقات الأفراد في مجتمع واحد ، نجد إعلان حقوق الإنسان والمواطن الذي أصدرته الجمعية الوطنية ّ المتكونة من كافة ممثلي المجتمع الفرنسي بتاريخ 26 أوت 1789 ،والذي يعتبر من أهم نصوص الثورة الفرنسية ومرجعا أساسيا للسلطة التأسيسية عند ّ وضعها للدستور الفرنسي وجاء بالمادة 11 من الإعلان »حرية نشر الأفكار والآراء حق من حقوق الإنسان. فلكل إنسان أن يتكلم ويكتب وينشر آراءه بحرية. وعليه عهدة ما يكتبه في المسائل التي ينص القانون عليها«.
تواصل المنهج الدولي الحمائي للحق في التعبير وبتطور حياة البشر تطور ّ الحق فتم ّ تدقيق العبارات والآليات لحسن حمايته وذلك في عدة نصوص دولية. لعل ّ من أهمها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر بتاريخ 10/12/1948 ّ إذ تنص المادة 19 منه أن »لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية«.