ترحب منظمة المادة 19 بتقرير المقرر الخاص للأمم المتحدة حول حرية التعبير ديفيد كايي والذي يدعو فيه قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلى أن يحترم حقوق الإنسان وسيتم تقديم هذا التقرير ومناقشته من قبل الدول والأطراف الأخرى المعنية خلال الجلسة الثانية والثلاثون لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في يونيو 2016م.
في معرض تقريرنا عن هذا التقرير تم التأكيد على أن الانترنت قد غيرت بشكل جوهري من الطريقة التي يتواصل بها الناس وتدبيرهم لشئون حياتهم اليومية وأن فهم أدوار ومسئوليات المعنيين في القطاع الخاص هو أمر أساسي من أجل حماية حرية التعبير عبر الانترنت.
يقول توماس هيوز، مدير تنفيذي في منظمة المادة 19 “أن الانترنت هي الخط الأول في معركة تحقيق حرية التعبير والفضاء المدني”.
ويضيف السيد هيوز بالقول “أن الضغوط التي تمارسها الدول والأطراف الأخرى على المعنيين في القطاع الخاص من أجل التحكم في المعلومات التي يستطيع الناس الوصول إليها ومشاركتها لم تلتفت إليها الأمم المتحدة إلا قليلاً ولكن هذا التقرير يعالج الأمر. وفي نفس الوقت فإن التقرير يوضح بجلاء أنه بإمكان القطاع الخاص وكذلك المنظمات المعنية بوضع المعايير المرتبطة بالأنترنت والتي تدير وتحافظ على البنية التحتية للإنترنت ويجب عليها عمل المزيد من أجل حماية وتشجيع حرية التعبير”.
يعترف تقرير المقرر الخاص أن المعنيين في القطاع الخاص هم بشكل أساسي من يقوم بإنشاء وصيانة وتشغيل البنية التحتية والفضاءات المتعلقة بحرية التعبير والوصول إلى المعلومات وهؤلاء المعنيين متنوعين ويشكلون ما يشبه “النظام البيئي” بما في ذلك مقدمي خدمات الاتصالات ومطوري الأجهزة والبرمجيات ومزودي خدمات البريد الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي وكذلك شركات الاستضافة وشركات البحث. كما أن الهيئات الفنية والهيئات الناظمة على المستوى الدولي والمحلي تلعب دوراً أساسياً. يشير المقرر الخاص إلى انه وبينما قام المعنيين في القطاع الخاص بتوفير فرصاً هائلة لحرية التعبير إلا أن القرارات التي يتخذونها والضغوطات التي يتعرضون لها قد كان لها أثر كبير على ممارسة الحقوق.
يستهدف هذا التقرير أن يكون بمثابة خارطة أولية للمعنيين في القطاع الخاص في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الذين يؤثرون على حرية التعبير ويحدد التقرير القضايا القانونية والقضايا المرتبطة بالسياسات والتي يتقاطع فيها عمل الدول مع القطاع الخاص كما أنه يحدد كذلك المجالات التي تتطلب إرشادات مستقبلية فيما يتعلق بالمعايير والتي سيتم تقديمها في تقارير مستقبلية.
من بين المخاوف الكثيرة التي عبّر عنها المقرر الخاص في تقريره نُشير إلى ما يلي:
القيود على المحتويات
يُعبّر المقرر الخاص عن مخاوفه من انتشار القوانين الغامضة التي تستهدف المحتويات التي يتم نشرها عبر الانترنت والتي تحتوي على تجريم لطيف واسع من الأفعال والتي تعطي للسلطات صلاحيات غير محدودة في تجريم أي تعبير ترى تلك السلطات أنه غير مناسب.
تتم الإشارة بشكل خاص إلى مسألة “المسئولية المفرطة للوسيط” باعتبارها مشكلة أساسية وعلى الأخص حيثما يتم وضع شروط أو ضغوط على الشركات الخاصة من خلال القانون أو عبر الإجراءات غير القانونية بتنظيم المحتويات التي يتم نقلها أو استضافتها عبر هذه الشركات. تتراوح تلك التدابير من وضع اشتراطات معينة يتم فرضها على مزودي خدمات الانترنت للحصول على التراخيص إلى التهديد بحجب وصول المستخدمين المحليين إلى خدمات تلك الشركات. كما يشمل ذلك الاشتراطات أو الحوافز القانونية التي يتم فرضها على الوسطاء فيما يتعلق بتقييم سلامة الطلبات التي يتم استلامها من الدولة والأطراف الخاصة لشطب أنواع معينة من المحتويات والتي تتراوح ما بين مطالبات حماية البيانات إلى مطالبات حقوق الطبع. وفي هذا الصدد فإن المقرر الخاص يطرح بجدية أسئلة عما إذا كانت الشركات الخاصة في موقع يتيح لها أن تصدر أحكاماً فيما يتعلق بقانونية أي محتوى ما من عدمه. كما أنه يطرح أيضاً أسئلة حول التوازن المناسب بين حقوق الخصوصية وحماية البيانات الشخصية في جانب والحق في التماس واستلام ونشر المعلومات في الجانب الآخر – وهو المجال الذي تتولى فيه منظمة المادة 19 دوراً قيادياً فيما يتعلق بتطوير المبادئ المتعلقة بحرية التعبير والخصوصية [يتم إضافة الرابط المتعلق بالمرجع].
إن المخاوف التي عبّر عنها المقرر الخاص ليست مقصورة فقط على اللوائح الصادرة عن الدول والقيود غير القانونية التي تفرضها الدول وإنما أشار المقرر الخاص كذلك إلى العديد من الجوانب الإشكالية التي تحتوي عليها السياسيات والممارسات الداخلية للشركات والتي تتراوح من التطبيق غير المتسق لشروط الخدمة العامة من قبل الشركات إلى مشاكل تصفية المحتويات وإيقاف الشبكة أو تعطيل الخدمات والخدمات غير المصنفة. كما تمت كذلك الإشارة إلى أثر تصميم وهندسة الخيارات والذي يؤثر على وصول المستخدمين ومشاهدتهم للمعلومات على المنصات المختلفة.
المعايير الفنية
يعترف المقرر الخاص للمرة الأولى بأن المعايير الفنية تؤثر بشكل كبير على حرية التعبير وقد عبّر المقرر الخاص عن قلقه من عدم إيلاء اعتبار كافي لحقوق الإنسان في المنظمات التي تلعب دوراً أساسياً في تطوير وصيانة البنية التحتية الخاصة بالإنترنت ومنها على سبيل المثال شركة الإنترنت لمنح الأسماء والأرقام (ICANN) وفريق عمل هندسة الانترنت (IETF) ومعهد المهندسين الكهربائيين والإلكترونيين (IEEE). وفي نفس الوقت فإن المقرر الخاص يعترف بأن غياب منظور حقوق الإنسان في عمليات تطوير المعايير الفنية يحدث عادة بسبب ضعف الخبرات الفنية الكافية.
كما يُشير التقرير بشكل إيجابي إلى المبادرات الهادفة لتطوير جانب حقوق الإنسان في المنظمات القائمة على تطوير معايير الانترنت (ISDOs) والتي لعبت منظمة المادة 19 دوراً اساسياً فيها وتشمل تلك المنظمات ما يلي:
– مجموعة اعتبارات بروتوكول حقوق الإنسان (HRPC) تحت فريق عمل هندسة الانترنت (IEFT) للبحث فيما إذا كانت المعايير والبروتوكولات يمكن أن تشجع أو تعزز أو تهدد حقوق الإنسان. ويشمل ذلك مسودتين جديدتين اثنتين للإنترنت والتي تشتمل على التكرار الأول لاعتبارات بروتوكول حقوق الإنسان والتي توفر إرشادات للمهندسين من أجل توثيق أثر معاييرهم على حقوق الإنسان ومن ثم التخفيف من ذلك الأثر.
– فريق العمل متعدد المجتمعات حول حقوق الإنسان (CCWP HR) التابع لمؤسسة الإنترنت لمنح الأسماء والأرقام (ICANN) والتي تضع أسس السياسات والإجراءات والعمليات التي تؤثر على حقوق الإنسان وتوفر المعلومات والمقترحات والتوصيات لاعتماد المنظمات ومجتمع مؤسسة الانترنت لمنح الأسماء والأرقام وتقترح الإجراءات والآليات من أجل تقييم الأثر على حقوق الإنسان وضمان أن تصبح المسئولية عن حقوق الإنسان جزءاً لا يتجزأ من مؤسسة الانترنت لمنح الأسماء والأرقام (ICANN). لقد التزمت مؤسسة الانترنت لمنح الأسماء والأرقام (ICANN) مؤخراً باحترام حقوق الإنسان في كافة لوائحها.
وفي نفس الوقت يدرك المقرر الخاص أيضاً أن القليل فقط من المنظمات القائمة على تطوير معايير الانترنت تقوم حالياً بتنفيذ تقييمات للأثر على حقوق الإنسان أو تخصص الموارد الضرورية من أجل تضمين منظور حقوق الإنسان في أعمالها.
المراقبة والأمن الرقمي
يُعيد المقرر الخاص التأكيد على أن مراقبة الدولة وجمع البيانات وتخزينها لدى شركات يثير قضايا كبرى فيما يتعلق بحرية التعبير. وتشمل بعض جوانب القلق الملحّة مسألة الطريقة التي تردّ بها الشركات على الطلبات القانونية لبيانات العملاء وبيع معدات المراقبة والرقابة ومسئوليات الشركات فيما يتعلق بحقوق الإنسان عندما تلاحظ الشركات أن هناك مراقبة خفية يتم تنفيذها من قبل الدولة. كما يشير المقرر الخاص كذلك إلى التشفير وعدم كشف الهوية بالإضافة إلى أثر اتفاقيات المساعدة القانونية المتبادلة وقوانين توطين البيانات على المراقبة من جانب الدولة.
الشفافية
يُشدّد المقرر الخاص على أهمية الشفافية كوسيلة لضمان أن الخاضعين للوائح المتعلقة بالانترنت يستطيعون بشكل معقول التنبؤ بالتزاماتهم القانونية والاعتراض عليها عندما يكون ذلك مناسباً. ومع ذلك يشير المقرر الخاص إلى محدودية التوافق فيما يتعلق بنطاق الشفافية في التقارير عندما يتعلق الأمر بالطلبات التي تأتي من الحكومات لمعلومات المستخدمين أو شطب المحتويات. كما أن هناك محدودية في الإحصاءات المتعلقة بالتزام الشركات بتلك الطلبات أو الطلبات التي يقدمها القطاع الخاص.
المعالجات
بالرغم من الحق في المعالجات الفاعلة هو حق مُعترف به عموماً بموجب القانون الدولي إلا أن المقرر الخاص يُشير إلى غياب عام للإرشادات حول كيف يبدو على الواقع الحق في المعالجة الفاعلة عن أي انتهاكات للحق في حرية التعبير في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. كما أن هناك أيضاً اعتراض على نطاق مسئولية المؤسسات لتقديم معالجات في الحالات التي تقوم فيها تلك المؤسسات بتفسير أو إنفاذ قوانين الدولة ذات الصلة بشكل حرفي جداً. يختتم المقرر الخاص تقريره بالتأكيد على أن هناك حاجة لتحليلات وأبحاث أكثر في هذا المجال بما في ذلك البحث في الدور المناسب للدولة في تكميل أو تنظيم آليات المعالجة الخاصة بالشركات.
الخطوات التالية
فيما يتعلق بالمستقبل يخطط المقرر الخاص لتطوير توصيات تفصيلية في المجالات التالية:
– القيود على تقديم خدمات الاتصالات والانترنت
– القيود على المحتويات بموجب شروط الخدمة ومعايير المجتمع
– المسئولية عن استضافة المحتويات
– قطاع الرقابة والمراقبة
– الجهود الرامية لتقويض الأمن الرقمي
– الوصول إلى الانترنت
– حوكمة الانترنت
يُشدد المقرر الخاص بقوة كحد أدنى على الحاجة لأن يقوم القطاع الخاص بتطوير وتنفيذ تقييمات مستقلة فيما يتعلق بالأثر على حقوق الإنسان. وبشكل عام يشجع المقرر الخاص القطاع الخاص على أن يبذل جهود أكبر للنظر في تأثير عمله على حقوق الإنسان وتطوير الاستراتيجيات التي تتوافق مع المبادئ الإرشادية الصادرة عن الأمم المتحدة حول الأعمال وحقوق الإنسان والمعروفة أيضاً “بمبادئ روجي”.
الخاتمة
تشاطر منظمة المادة 19 المقرر الخاص مخاوفه وتشجع بقوة كافة الأطراف المعنية وعلى الأخص الدول والمعنيين في القطاع الخاص في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على تنفيذ الاستنتاجات والتوصيات المتضمنة في التقرير والمشاركة في التقارير المستقبلية التي يخطط المقرر الخاص لإصدارها في هذا الموضوع.
تدعو منظمة المادة 19 بشكل خاص كافة الدول أن تشارك بشكل كامل في عرض تقرير المقرر الخاص في الجلسة الثانية والثلاثون لمجلس حقوق الإنسان وعلى الأخص أثناء الحوار التفاعلي بتاريخ 16 يونيو 2016م. وفيما يتعلق بالقرار المتعلق بالإنترنت وحقوق الإنسان والذي سيتم تقديمه في الجلسة الثانية والثلاثون لمجلس حقوق الإنسان فإننا نحث الدول على أن تُضمّن في ذلك القرار إشارات إيجابية إلى تقرير المقرر الخاص وكذلك إلى الالتزام بإيلاء اهتمام مستمر لهذا الموضوع