تعبر منظمة المادة 19 عن قلقها الشديد إزاء مآل الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري، باعتبار الدور الحيوي الذي تضطلع به هيئة تعديلية مستقلة في تعزيز حرية التعبير واستقلالية الإعلام وتعدديته وفي حوكمة قطاع الاتصال السمعي والبصري في تونس.
وازداد هذا القلق خاصة إزاء قرار السلطات بإحالة رئيس الهيئة، السيد النوري اللجمي، على التقاعد دون تعيين رئيس جديد على رأسها. لذلك، تدعو منظمة المادة 19 إلى ضرورة التعجيل بتعيين رئيس جديد للهايكا خلفا للسيد النوري اللجمي، وذلك بعد استشارة أعضاء الهيئة.
وكانت الهايكا قد أفادت في بلاغ لها صدر على موقعها في 7 فيفري 2023، أن السيد النوري اللجمي قد تلقى مراسلة ممضاة من المكلف بمهام كاتب الحكومة بتاريخ 06 فيفري الجاري تقضي بإحالته على التقاعد بداية من غرة جانفي 2023 تبعا لانتهاء مدة التسوية للعمل بالقطاع العمومي.
الخلفية والأحداث الأخيرة
الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري هي مؤسسة عمومية تتمتع بصلاحيات تعديلية واستشارية، تعمل على ترسيخ ثقافة تعديل الاعلام وتعدديته، وتأسيس نمط جديد لحوكمة القطاع السمعي والبصري.
أحدثت الهايكا بموجب المرسوم عدد 116 لسنة 2011 مؤرخ في 2 نوفمبر 2011، المتعلق بحرية الاتصال السمعي والبصري وبإحداث هيئة عليا مستقلة للاتصال السمعي والبصري. وتم الإعلان رسميا عن إرسائها يوم 3 ماي 2013، بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة.
قبيل الذكرى العاشرة لتأسيسها بثلاثة أشهر فقط، تواجه الهايكا اليوم العديد من العقبات التي تعيق عملها وتهدد استدامتها. وقد تفاقم ذلك بسبب الفراغ الحالي على أعلى مستوى في المؤسسة، إثر إنهاء مهام السيد النوري اللجمي على رأس الهيئة.
تعرب منظمة المادة 19 عن عميق انشغالها إزاء هذه المستجدات، التي تجعل مصير الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري غامضا وضبابيا. كما تأسف المنظمة لغياب الشفافية في إدارة ملف هذه المؤسسة العمومية المستقلة الهامة في قطاع الإعلام، لما في لذلك من تبعات على حرية الاتصال السمعي والبصري وتعدديته واستقلاليته. وتخشى منظمة المادة 19 أن تفتح هذه القرارات الأخيرة الباب للتدخل في مهام الهئية، على خلاف أحكام المرسوم 116 لسنة 2011 الذي أحدثها، وبالتالي إنهاء تجربة التعديل المستقل للإعلام في تونس.
وللتذكير، فقد صدر يوم 31 جانفي 2023 بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية الأمر عدد 32 لسنة 2023 المؤرخ في 24 جانفي 2023، الذي يمنح السيد النوري اللجمي، رئيس الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري، استثناء للعمل بالقطاع العمومي بعد بلوغ السن القانونية للتقاعد ابتداء من 1 أكتوبر 2020 إلى غاية 31 ديسمبر 2022 على سبيل التسوية. وقد أثار صدور هذا الأمر عديد التساؤلات والكثير من الغموض حول استمرارية السيد النوري اللجمي على رأس الهايكا بعد الفترة التي تشملها التسوية، أي بعد 31 ديسمبر 2022 وحول مآل الهيئة ككل ومستقبلها، نظرا لمركزية منصب الرئيس على رأس هذه المؤسسة ودوره في تسييرها وضمان استمرارها، إضافة إلى الصلاحيات المخولة له بمقتضى الفصل 24 من المرسوم 116 لسنة 2011، باعتبار أن الرئيس هو “آمر الصرف الأول للإيرادات والمصاريف المدرجة بميزانية الهيئة العليا للاتصال السمعي والبصري”.
تدعو منظمة المادة 19 إلى ضرورة التعجيل بتعيين رئيس جديد للهيئة خلفا للسيد النوري اللجمي، وذلك بعد استشارة أعضاء الهيئة، وفقا لأحكام الفصل 7 من المرسوم عدد 116 لسنة 2011 مؤرخ في 2 نوفمبر 2011 يتعلق بحرية الاتصال السمعي والبصري وبإحداث هيئة عليا مستقلة للاتصال السمعي والبصري.
كما تدعو منظمة المادة 19 إلى تمكين الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري من كل الضمانات التي تخول لها العمل في كنف الاستقلالية، نظرا لأهمية دور هذه الهيئة في تعزيز حرية التعبير والإعلام، المنصوص عليهما في الفصلين 37 و38 من دستور تونس 2022.