تدعو منظمة المادة 19 الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إلى احترام الحق في حرية التعبير المكفول بمقتضى الدستور التونسي والمعاهدات الدولية المصادق عليها من طرف الجمهورية التونسية وإلى تنقيح قرارها المتعلق بشروط المشاركة في حملة الاستفتاء بسبب تداعياته الخطيرة على حرية التعبير.
كما تدين منظمة المادة 19 قيام نائب رئيس الهيئة الانتخابية بتهديد الأشخاص الذين يطالبون بمقاطعة الاستفتاء بالقانون الجزائي.
في سياق تنظيم الاستفتاء حول مشروع دستور جديد، أصدرت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات القرار عدد 14 المؤرخ في 13 جوان 2022 المتعلق بضبط شروط وإجراءات المشاركة في حملة الاستفتاء. وجاء في الفصل الثالث أنه يمكن للأشخاص والأحزاب السياسية والجمعيات والمنظمات الناشطة في الشأن العام أن تصرح برغبتها في المشاركة في حملة الاستفتاء بعد الاستظهار بجملة من الوثائق المنصوص عليها في الفصل 7 من القرار كبطاقة السوابق العدلية والتصريح السنوي للضريبة وقائمة تضم 100 شخص من المؤيدين.
ومن جهته، ألزم الفصل 22 من القرار كل من يرغب في المشاركة في حملة الاستفتاء أن يحدد موقفه من مشروع الدستور وذلك إما بتبني موقف مناصرة أو معارضة وفي صورة قيام أحد المشاركين بتغيير موقفه فإن للهيئة سحب حق المشاركة في الحملة.
حملات مقاطعة تحت التهديد
في تصريح إعلامي يوم 14 جوان أكد نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على أن الأفراد والجمعيات والأحزاب الداعية لمقاطعة الاستفتاء غير معنية بالمشاركة في الحملة وستكون معرضة لتتبعات جزائية في صور دعوتها إلى المقاطعة.
يعتبر قرار الهيئة الذي يمنع الجمعيات وعموم المواطنين/ات من التعبير عن مواقفهم من الاستفتاء ومشروع الدستور إلا بعد إيداع التصريح لدى الهيئة خرقا جسيما للفصل 31 من الدستور التونسي والمادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذان يكفلان حرية التعبير حيث أن اشتراط القيام بالتصريح المذكور يعتبر مخالفا للفصل 31 من الدستور الذي يحجر ممارسة الرقابة المسبقة على حرية التعبير.
وتذكر المنظمة بأهمية حرية التعبير في المجال السياسي وخاصة في الفترات الانتخابية التي يجب فيها على الدول أن تهيئ كل الظروف لتمكين مختلف القوى السياسية والاجتماعية من النفاذ إلى وسائل الإعلام للتعبير عن آرائها بكل حرية وتقديم آرائها للناخبين/ات. كما ينبغي على وسائل الإعلام احترام مبادئ الإنصاف والتعددية من خلال السماح لمختلف المواقف بالتواجد حتى يتكون لدى الناخبين/ات تصور متكامل حول مختلف الحجج والأفكار الداعمة لهذا الموقف أو ذاك.
إن منع المقاطعين/ات للاستفتاء من التعبير عن آرائهم/هن في ظل مناخ سياسي عام يتسم بتنازع الحركات السياسية والمدنية والاجتماعية حول مسألة تغيير الدستور يضعف أكثر مشروعية هذا المسار، خاصة وأن 38 بالمائة فقط من المشاركين/ات الاستشارة الالكترونية التي أشرف عليها رئيس الجمهورية طالبوا بوضع دستور جديد.
وإذ تنبه منظمة المادة 19 من خطورة الآثار التي يمكن أن تترتب عن قرار هيئة الانتخابات على الحق في حرية التعبير وعلى مبدأي التعددية والتنوع في السياق الانتخابي، خاصة وأن تونس مقبلة على هذا الموعد الانتخابي في ظل تجاذبات سياسية حادة حول مشروعية المسار السياسي الذي أعلن عنه رئيس الجمهورية قيس سعيد في 13 ديسمبر 2021 والمتمثل في إجراء استفتاء على دستور جديد في 25 جويلية 2022 تعقبه انتخابات تشريعية في 17 ديسمبر 2022.
أخيرا، ندعو هيئة الانتخابات إلى إعادة صياغة قرارها المتعلق بشروط المشاركة في الاستفتاء والتمييز بصورة واضحة بين الأفراد والجمعيات الذين يبدون آرائهم حول الاستفتاء ومشروع الدستور في إطار ممارسة حقهم في حرية التعبير، من جهة، وبين الأنشطة التي تقوم بها الأطراف المعنية بالمشاركة في حملة الاستفتاء للتعريف بالبرنامج المتعلق بالاستفتاء باعتماد مختلف وسائل الدعاية والأساليب المتاحة قانونا قصد حث الناخبين على التصويت لفائدتهم يوم الاقتراع، من جهة ثانية.