تدين منظمة المادة 19 تتبع رسام الكاريكاتير توفيق عمران على خلفية نشره لرسوم كاريكاتورية ساخرة. وتذكّر أن النقد الساخر بشكل فنيّ وإبداعي، بما في ذلك الموجه إلى الفاعلين السياسيين والحكوميين، يندرج ضمن المضامين المحمية في إطار ممارسة الحق في حرية التعبير وحرية الإبداع، بمقتضى الفصلين 37 و49 من الدستور التونسي.
ويُذكر أنه تمّ مساء يوم الخميس 21 سبتمبر 2023 إيقاف رسّام الكاريكاتور التونسي المعروف توفيق عمران للتحقيق معه قبل أن يتمّ إطلاق سراحه على الساعة الثانية صباحا من يوم الجمعة 22 سبتمبر 2023 ودعوته للمثول للتحقيق معه مجددا أمام وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس يوم الاثنين 25 سبتمبر الجاري.
وذكر عمران لوسائل الإعلام ونشر على صفحته الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعي أنه لم يتلق أي استدعاء وأن أمنيين اثنين توجها إلى منزله مساء الخميس واصطحباه إلى مركز الأمن بمقرين (الضاحية الجنوبية للعاصمة تونس)، أين تم استجوابه بشأن صك دون رصيد ليتحول فيما بعد البحث إلى الحديث عن رسومه الكاريكاتورية. وتم بعد ذلك اقتياده إلى مركز الإيقاف ببوشوشة قبل أن تأذن النيابة العمومية بإخلاء سبيله في ساعة مبكرة من فجر يوم الجمعة 22 سبتمبر.
وكان عمران قد نشر على صفحته “عمران كرتونس” يوم 17 سبتمبر رسمين ساخرين بخصوص الزيارة الأخيرة لرئيس الحكومة التونسية إلى إحدى المدارس بمناسبة العودة المدرسية يوم 15 سبتمبر. وقد ألقت الرسوم الكاريكاتورية الضوء، بطريقة فكاهية، على خطاب رئيس الحكومة، الذي بدى مرتبكا وغير مسترسل.
وردا على ما تم تداوله في وسائل الإعلام، أصدرت رئاسة الحكومة، مساء الجمعة، بيانا أوضحت فيه أنه إذا كانت التتبعات من أجل صورة كاريكاتورية “فإن تقدير رئاسة الحكومة هو أنه ليس هناك ما يبرر مثل هذه التتبعات لأن حرية الإبداع مضمونة في نص دستور 25 جويلية 2022 بفصله التاسع والأربعين.” وألمحت في نهاية البيان إلى أن هناك إرادة لـ”لخلط بين حرية التعبير وحرية الإبداع من جهة وجريمة إصدار صك دون رصيد من جهة أخرى”.
وقال أنس كدوسي، أحد محامي الرسام الكاريكاتيري، في تصريحات إلى وسائل الإعلام، “لم يتم بعد توجيه التهمة من طرف النيابة العمومية باعتبار القضية مازالت في مرحلة البحث الابتدائي، لكن موضوع الأبحاث هو الإساءة إلى الغير عبر الشبكات العمومية للاتصالات على معنى الفصل 86 من مجلة الاتصالات“. ويعاقب هذا الفصل “بالسجن لمدة تتراوح بين سنة واحدة وسنتين وبخطية من 100 إلى ألف دينار كل من يتعمد الإساءة إلى الغير أو إزعاج راحتهم عبر الشبكات العمومية للاتصالات”.
وكانت منظمة المادة 19 قد دعت في وقت سابق السلطات التونسية إلى إلغاء الفصل 86 من مجلة الاتصالات بسبب آثاره الوخيمة على الحق في حرية التعبير في الفضاء الرقمي ولاعتباره وسيلة تسلطية تؤسس لما يعرف بالتتبعات القضائية الاستراتيجية للتضييق على حرية التعبير، وبالتالي على المشاركة في النقاش العام.
وتذكر منظمة المادة 19 أن وظيفة رسام الكاريكاتير السياسي لا تعدو أن تكون سوى نقدا ساخرا، الغاية منه إبداء الرأي بشكل فنيّ وتسليط الضوء على المواقف والخطابات والانعكاسات السلبية لقرارات السلطة السياسية على الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية وغيرها، بما يساهم في تشكيل الرأي العام وزيادة الوعي الجماعيّ. ويأتي إيقاف رسام الكاريكاتير توفيق عمران ضمن سلسلة من الإيقافات التي طالت في المدة الأخيرة عددا من الصحافيين والمدونيين والمحامين والسياسيين على خلفية التعبير عن آرائهم ومواقفهم الناقدة أو المعارضة لسياسات وقرارات وممارسات السلطات التونسية.
وتدعو منظمة المادة 19 إلى الكفّ عن ملاحقة رسام الكاريكاتير توفيق عمران بسبب ممارسته لحقه في التعبير والإبداع. كما تدعو إلى إسقاط جميع التهم الموجهة إليه لتعارضها مع ما يضمنه الدستور التونسي والمعاهدات الدولية المصادق عليها من قبل الدولة التونسية.