على الرغم من التحسينات المسجلة مؤخرا فإنه يجب على البرلمان المغربي التأكد من أن مشروع القانون المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات يحمي بالقدر المناسب الحق في الحصول على المعلومات و في حرية التعبير
“إن الصيغة الحالية لمشروع القانون المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات تتضمن العديد من النقائص ولا تستجيب للمعايير الدولية المتعلقة بحماية الحق في الحصول على المعلومات والحق في حرية التعبير” يقول نجيب مكني، خبير في مجال الحق في المعلومات لدى منظمة المادة 19 بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وعلى البرلمان دعم هذه الحقوق.
أحالت الحكومة المغربية بتاريخ 8 يونيو صيغة جديدة من مشروع القانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات إلى البرلمان المغربي. وعلى الرغم من حدوث تحسن طفيف مقارنة بالصبغة التي صادقت عليها الحكومة في 31 يوليو 2015 فإن مشروع القانون الجديد لا يزال يحتاج إلى معالجة عدد من المسائل. سيتم أدناه بيان أهم الجوانب المثيرة للجدل في النسخة الأخيرة من مشروع القانون.
اشتراط ذكر مبررات لطلبات الحصول على المعلومات
لعل أشد أوجه القصور هو اشتراط تقديم مبررات قانونية في المادة 14 من مشروع القانون. ووفقا لهذه المادة فأن طالبي المعلومة من الهيئات الحكومية يجب عليهم شرح أسباب الحاجة إلى تلك المعلومات و تبرير تأثيرها على مصالحهم الشخصية. هذا الشرط يقوض بشكل خطير الحق في المعلومات والغرض من اتخاذ مثل هذا القانون في حد ذاته و المتمثل في توفير مزيد من المعلومات للعموم. وعلاوة على ذلك، تقضي المادة 6 بأنه لا يجوز استعمال أو إعادة استعمال المعلومات إلا “لأغراض مشروعة” وأن محتواها يجب أن لا يتم “تحريفه”. إن عبارات “غرض مشروع” و “تحريف مضمونها” ليست محددة بشكل واضح الأمر الذي قد يؤدي إلى إساءة استخدام القانون من قبل المسؤولين خاصة بالنسبة للتقارير التي تهتم بأنشطتهم و التي تستند إلى وثائق رسمية يتم الحصول عليها بموجب هذا القانون.
العقوبات الجنائية
إن الأحكام الغامضة في المادة 6 من مشروع القانون هي أكثر خطورة عندما تقرأ بالتوازي مع أحكام المادة 29 والتي تقر عقوبات جنائية تصل إلى ثلاث سنوات سجن لإعادة استعمال المعلومات بطريقة قد تدخل “تحريف” على مضمون المعلومات المتحصل عليها أو قد تضر “بالمصلحة العامة”. بالإضافة إلى ذلك، فإن مشروع القانون الحالي لا يزال يسمح بفرض عقوبات جنائية تتعلق بإفشاء الأسرار المهنية. و يعتبر هذا أمر سلبي للغاية لأنه سيؤثر على الموظفين العموميين المكلفين بإنفاذ القانون الذين سوف يتعاملون بحذر شديد عند الإفصاح عن المعلومات خاصة و أن القانون لا يحميهم عندما يتصرفون عن حسن نية. و في المقابل، لا يتضمن مشروع القانون العقوبات التي من شأنها حماية الحق في المعلومات في صورة إتلاف أو تحوير أو عرقلة أو امتناع عن تقديم المعلومات المطلوبة على سبيل المثال حيث يقتصر مشروع القانون على إقرار “متابعة تأديبية” فقط و بطريقة غير محددة بصفة واضحة.
“يعتبر فرض عقوبات جنائية على من يمارسون حقهم في الحصول على المعلومات مخالفا للمعايير الدولية وسوف يسبب الخوف والارتباك بين مستعملي هذا القانون ومن المرجح أنها سوف تشكل كابحا للعديد من الأشخاص يحول دون تقديمهم لطلبات للحصول على المعلومات” يضيف نجيب مكني.
الاستثناءات
تنص المادة 7 على استثناءات مطلقة للحق في الحصول على المعلومات تشمل أي شيء يتعلق بالدفاع الوطني وبالأمن الداخلي أو الخارجي وبالمعطيات الخاصة. و تعتبر هذه الاستثناءات واسعة جدا وغير محددة بشكل كبير. وعلاوة على ذلك، لا يوجد اختبار المصلحة العامة أو اختبار الضرر اللذان يطبقان على الاستثناءات وهو ما يتناقض مع المعايير الدولية. وعلى سبيل المثال، ينبغي تطبيق اختبار المصلحة العامة في الحالات التي تكون فيها المعلومات متصلة بالكشف عن الفساد أو بضمان حقوق الإنسان أو الوقاية من الأخطار التي تهدد الصحة العامة.
لجنة المعلومات
ترحب منظمة “المادة 19” بإحداث لجنة المعلومات في الباب الخامس من مشروع القانون. غير أن آراء هذه اللجنة ليست ملزمة حيث تعطي المادة 22 للجنة الحق في تقديم التوصيات وإبداء الرأي فقط. وعلاوة على ذلك، استقلالية اللجنة وسلطتها غير محددة بوضوح. ولئن تصف المادة 23 طريقة تعيين أعضاء اللجنة، غير أنها فشلت في ضبط المتطلبات المهنية الواجب توفرها في أعضاء اللجنة. و بالإضافة إلى ذلك، لا تتضمن اللجنة أي ممثلين عن المجتمع المدني على خلاف المجلس الوطني لحقوق الإنسان وهيئة مكافحة الفساد.
“يتعين على البرلمان المغربي تحسين مسودة مشروع القانون الجديدة لتعزيز حق الحصول على المعلومات الذي يكفله الدستور المغربي في المادة 27 وضمان تطبيقه، و ذلك من خلال تبني قانون ينسجم مع المعايير الدولية بما يضمن إتاحة حق الحصول على المعلومة بشكل فعال للجميع في المغرب” يقول نجيب مكني.
تدعو منظمة المادة 19 البرلمان المغربي إلى مراجعة مشروع القانون بما يجعله منسجماً مع الدستور المغربي والتزامات المغرب بموجب القانون الدولي، والتي تشمل حماية الحق في االمعلومة والحق في حرية التعبير.
وأخيرا، ينبغي على أعضاء البرلمان تعديل القانون للتنصيص بوضوح على إبطال القوانين الأخرى غير المتناسقة معه.