تعرب المنظمات الحقوقية الموقعة أدناه عن قلقها الشديد إزاء التدهور السريع للحالة الصحية للناشط وسجين الرأي عبد الله بن نعوم، المضرب عن الطعام منذ 1 سبتمبر 2021. فبالإضافة لحبسه تعسفيًا لأكثر من عامين لمجرد ممارسته لحقه في حرية التعبير، يعاني نعوم حاليًا من تدهور صحي خطير يهدد حياته، ويدفع به إلى مصير أثنين من سجناء الرأي (الصحفي محمد تامالت والحقوقي كمال الدين فخار) الذين لقيا حتفهما في السجون الجزائرية، إثر إضرابهما عن الطعام[1] في 2016 و2019. وتطالب المنظمات السلطات الجزائرية بإطلاق سراحه فورًا لتفادي وفاة سجين رأي آخر محتجز لديها، ووقف المضايقات القضائية الانتقامية بحقه عقابًا على ممارساته السلمية.
كان بن نعوم قد خضع للمحاكمة في 6 قضايا مختلفة على الأقل منذ عام 2018، تستند جميعها لمنشورات معارضة على وسائل التواصل الاجتماعي واتصالات هاتفية خاصة. ولا تعد أي من التهم الموجه ضده جرائم بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان،[2] إلا أن الصياغة الفضفاضة للقوانين المحلية سمحت بتجريم ممارسة مشروعة تدخل ضمن نطاق الحريات الأساسية مثل حرية التعبير. ومع ذلك، يفترض أن يقبع بن نعوم في السجن حتى مايو 2023 (وربما أكثر) بموجب أحكام قضائية، وذلك بعدما أيدت المحكمة العليا ثلاثة أحكام ضده تعود إلى عام 2018.
يعاني بن نعوم حاليًا من عجز جسدي كامل، بعد قرابة 16 أسبوعًا من الإضراب عن الطعام، إذ أصبح غير قادر على الحركة نهائيًا إلا من خلال كرسي متحرك. كما يعاني من فقدان التركيز والسمع، وتراجع في معدلات ضربات القلب وصعوبة في التنفس. هذا بالإضافة لكونه مريض قلب يحتاج لعناية طبية خاصة بعد العملية الثانية في القلب التي أجراها في نوفمبر 2020. وبحسب محاميه، لا تقيد سلطات السجن حصوله على الرعاية الطبية، إذ تم نقله للمستشفى 4 مرات منذ بدأ إضرابه عن الطعام.
أن السلطات الجزائرية ملزمة باحترام حق بن نعوم في الاحتجاج السلمي، كما أنها مسئولة عن سلامته الجسدية والنفسية داخل السجن، لذا يفترض أن تبحث عن حل لمثل هذا الوضع الخطير، من خلال فتح قنوات للحوار في المقام الأول، كما يفترض ان تسعى السلطات لمعالجة انتهاكات حقوق الإنسان الأساسية التي يحتج ضدها بن نعوم، كما سبق وأشارا المقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة بالأمم المتحدة، ونظيره المعني بالحق في الصحة.
جدير بالذكر، أن فريق الدفاع الخاص ببن نعوم، سبق وطالب بضم الأحكام الصادرة في القضايا الـ 6 المقامة ضد موكلهم، نظرًا لتشابه التهم فيها، وذلك بموجب المادة 35 من قانون العقوبات الجزائري، والذي يقضي بذلك في حالة تشابه طبيعة الاتهامات، على أن يتم تنفيذ أقسى عقوبة فقط، وهي في حالة نعوم السجن لمدة عامين، والصادرة في يونيو 2018. وبناء عليه، فمن المفترض أن يتم الإفراج عن نعوم لأنه قضى بالفعل 38 شهرًا في السجن. إلا أن المحكمة لم تبت بعد في هذا الطلب، وتم تأجيل النظر فيه مرتين دون مبرر.
المنظمات الموقعة أدناه تترقب صدور قرار المحكمة بتجميع الاحكام في جلسة الغد 22 ديسمبر، وتطالب السلطات الجزائرية التقيد بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، والإفراج الفوري وغير المشروط عن عبد الله بن نعوم حفاظًا على حياته.
المنظمات الموقعة:
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب (في إطار مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان)
- الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان (في إطار مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان)
- منا لحقوق الإنسان
- الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان
- منظمة المادة 19
- الأورو متوسطية للحقوق
معلومات خلفية:
اعتقلت الشرطة عبد الله بن نعوم في 20 مارس 2018. وخلال ذاك العام، خضع نعوم للمحاكمة في 4 قضايا مختلفة على الأقل، بناءً على منشورات إلكترونية تنتقد السلطات والجيش. صدر الحكم بحقه بالسجن لمدة 50 شهرًا بين أبريل وديسمبر 2018. [3] وقضى نعوم حوالي 14 شهرًا في السجن قبل إطلاق سراح مشروط في يونيو 2019، وذلك عقب إضراب عن الطعام وبعد وقت قصير من وفاة المدافع عن حقوق الإنسان كمال الدين فخار.
اعتقلت الشرطة بن نعوم مرة أخرى في 9 ديسمبر2019[4]، بعد 6 أشهر من إطلاق سراحه الأخير. وأثناء احتجازه، صدر الحكم بجبسه لمدة شهرين آخرين في 27 يناير 2020، بتهمة التحريض على التجمهر غير المسلح (المادة 100 من قانون العقوبات). وفي القضية الثانية، حُكم عليه بالسجن لمدة عام واحد في 19 نوفمبر 2020، وتم تأييد الحكم في جلسة الاستئناف بتاريخ 21 مارس 2021. وقد جاء ذلك الحكم استنادًا لتهم بـ (إضعاف الروح المعنوية للجيش والمساس بسلامة وحدة الوطن والتحريض على التجمهر غير المسلح وإهانة هيئة نظامية، والمساس بسلطة القضاء أو استقلاله)، وذلك بموجب المواد 75 و79 و97 و100 و146 و147 من قانون العقوبات، على التوالي. وذلك على خلفية نشره بعض التدوينات المعارضة على وسائل التواصل الاجتماعي واتصالات هاتفية خاصة تنتقد السلطات وتعارض إجراء الانتخابات الرئاسية.
وفي ثلاثة أحكام منفصلة، في نوفمبر 2020 ومارس 2021 وسبتمبر 2021، أيدت المحكمة العليا، بعد طعن في التعقيب، حكم السجن لمدة عامين في يونيو 2018، وعقوبة السجن لمدة شهرين في ديسمبر 2018 والحكم بالسجن 18 شهرًا الصادر في أكتوبر 2018، وبالتالي تم نقض الإفراج المشروط في يونيو 2019، وأصبح من المفترض أن يبقى بن نعوم في السجن حتى مايو 2023 على الأقل لإتمام هذه الأحكام. وإذا تم تأييد أحكام أبريل 2018 ويناير 2020 أيضًا في التعقيب، فقد يضاف له 8 أشهر أخرى في السجن.
في أكتوبر 2020، أدانت 10 منظمات حقوقية جزائرية وإقليمية ودولية سوء المعاملة وتدني الرعاية الطبية التي تعرّض لها بن نعوم خلال الاحتجاز، وحثت الجزائر على الإفراج الفوري عنه دون قيد أو شرط، والسماح له بإجراء جراحة قلب كان في أمس الحاجة إليها. وقد وافقت السلطات- بعد إلحاح عدة أشهر- على إجراء العملية في 4 نوفمبر 2020، ورغم حالته الصحية الحرجة بعدها، رفض القاضي مرارًا إطلاق سراحه المشروط.
[1] في 28 مايو 2019، توفي المدافع عن حقوق الإنسان الأمازيغي كمال الدين فخار خلال احتجازه بعد 50 يومًا من إضرابه عن الطعام، احتجاجًا على اعتقاله بسبب آراءه الناقدة للحكومة. وفي 11 ديسمبر 2016، توفي الصحفي البريطاني الجزائري محمد تامالت رهن الاحتجاز، في مستشفى بالجزائر العاصمة، بعد إضراب عن الطعام احتجاجًا على سوء معاملته أثناء سجنه. وكان تامالت قد تم حبسه بسبب منشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي “المسيئة” للرئيس آنذاك.
[2] لا سيما بموجب المادتين 10 و19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صادقت عليه الجزائر.
[3] في 29 أبريل 2018، حكم عليه بالسجن 6 أشهر بتهمة إهانة هيئة نظامية (المادة 146 من قانون العقوبات). في 7 أكتوبر 2018، حُكم عليه بالسجن 18 شهرًا بتهمة المساس بسلطة القضاء أو استقلاله (المادة 147 من قانون العقوبات). في 24 ديسمبر 2018، حُكم عليه بالسجن شهرين بتهمة التحريض على التجمهر غير المسلح (المادة 100 من نفس القانون). في6 يونيو 2018، حُكم عليه بالسجن لمدة عامين بتهمة استخدام أو استغلال جراح المأساة الوطنية [الحرب الأهلية الجزائرية في التسعينيات] بهدف تقويض الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، إضعاف الدولة، أو تشويه سمعة عملائها الذين خدموها بكرامة، أو تشويه صورة الجزائر دوليًا بموجب المادة 46 من قانون السلم والمصالحة الوطنية لعام 2006، والتي تمنع المنشورات عن الحرب الأهلية الجزائرية. كما تم اتهامه بـ (إهانة هيئة نظامية، والإساءة للرئيس، والمساس بسلطة القضاء أو استقلاله، والمساس بشرف هيئة عامة، ونشر معلومات شخصية فيما يتعلق بالمنشورات الخاصة بالقادة العسكريين، ونشر مواد من المحتمل أن تضر بالمصلحة الوطنية لغرض الدعاية)، وذلك بموجب المواد القانونية (على التوالي) 146 و144 مكررًا و147 و296 و298 و303 مكررًا 1 و96.
[4] مع الناشط خالدي علي.